

شريعة القانون وقانون الشريعة
السيد علي العزام الحسيني
ينقل عن أحد الحكماء أنّه سئل عن الفرق بين القانون والأخلاق؟، فأجاب: أنّ الإنسان في القانون يكون مُذنبًا حين يَنتهك حقوق الآخرين، وأما في الأخلاق فالإنسان مُذنب إذا كان يُفكّر بذلك.! معنى ذلك، أنّ سقف الوضع المثالي للقانون هو إيقاف الجريمة وحسب ولو بالإكراه، أما الوضع المثالي في الأخلاق فأعلى من ذلك بكثير، إنّه السعي لنزع منطلقات الإجرام وإزالة بواعث الرذيلة وإرساء ملكة الفضيلة في النفوس. ولا يتاح ذلك إلا في ظلّ الدين، إذ "لولا الاعتقادُ بالمعاد لم يكن هناك سببٌ أصيل رادعٌ عن اتباع الهوى والكفّ عن حظوظ النفس الطبيعية؛ فإنّما الطبيعة الإنسانية تريد وتشتهي مشتهيات نفسها، لا ما ينتفع به غيرُها".(الميزان4-١١١).
ليس الكلام عن القانون بمفاد(هل البسيطة) وكان التامة، أو (ما الشارحة) كما يقول المنطقيون، أعني بذلك أنّ ضرورة وجود القانون في المجتمع البشري لهو أمرٌ مسلّم ومفروغ منه لدى العقلاء ولا يجادل فيه إلا مكابر، ويكتسب التقنين والتنظيم شرفه من شرف غايته، إنّه تحقيق العدل، وحفظ النظام، وضبط الأمن، وصيانة الحقوق..؛ لذا لا داعي لإطالة الكلام في هذا الجانب. وهكذا الحال في تعريف القانون - حسب قاموس أكسفورد - عبارة عن قواعِد وأَحكام تضعها السُّلطة العُليا لتَنظيم العَلاقات بين الأَفراد والجَماعات وحِماية حُقوقهم، وتَقضي بالعِقاب والثَّواب، تُنفِّذها الدَّولة بواسِطة المحاكم. وإنّما يبدأ النقاش من تحديد هويّة المشرّع وطبيعته، فمَنْ تلك " السُّلطة العليا" التي لها حقّ وضع القواعد والأحكام (القوانين)؟!
اختلاف الاجابة عن السؤال المرتبط بتحديد (المشرّع) سيلقي بظلاله على اختلاف طبيعة القوانين والتشريعات الصادرة منه، فإن كان مصدر التشريعات هو الإنسان نفسه كانت القوانين وضعيّة، كما هو حال القوانين السائدة في الدول الحديثة، والأنظمة المعاصرة. فيما لو كان المشرّع هو خالق الإنسان عبر الوحي كانت القواعد والأحكام إلهيّة-شرعيّة.
إنّ النسبة المنطقية بين القوانين الوضعيّة، وبين القوانين الإلهيّة؛ هي نسبة العموم وخصوص من وجه، وهي تعني اجتماع المفهومين في بعض الموارد وافتراق كل منها عن الآخر في مورد يخصّه، فتلتقي القوانين الوضعيّة مع قوانين الدين وأحكامه، وقد لا تتفق، وعدم الاتفاق هذا، له صورتان: فتارة يبلغ به الاختلاف حدّ التعارض والتضاد، وأخرى لا يكون كذلك، فهنا ثلاثة صور:
الصورة الأولى- ما يتفق على منعه وتحريمه الشرع والقانون، أي تجتمع على حظره قوانين الأرض والسماء، من قبيل: السرقة والقتل والاعتداء على الآخرين وظلمهم وسلب حقوقهم وهلم جرًا، ومعظم ما كان من هذا القبيل هو مما يستقل العقل بإدراكه ليأتي الشرع موطِدًا ومؤكدًا لما يصدر عن العقل في هذا الجانب على ما هو الصحيح في المسألة من أنّ التحسين والتقبيح عقليان في المقام الأول، لا شرعيان. وليس من شك بأنّ حكم العقل هذا لا يطال جميع الأفعال، وإلا فأنى للعقل باستقلاله أن يحيط بتفاصيل أحكام العبادات من صلاة وصيام وحج، وإلخ مثلًا؟!، وإنّما سبيله في ذلك الكشف عن حسن أو قبح بعضها، لا جميعها، وهو إذ يفعل ذلك يعني أن يتفق عليه بنو الإنسان أجمعين أكتعين اتفاقهم على حسن العدل وقبح الظلم، ولا يُحتمل أنّ يكون اتفاقهم هذا وهم مختلفون زمانًا ومكانًا وجنسًا مصادفة واعتباطًا دونما سبب، إنّما مردّ ذلك هي جوهر الروح الإنسانية المشتركة التي أوجدها الخالق فيهم، والفطرة التي فطر الناس عليها. وما نريده من هذا البيان أنّ ما كان من القوانين الوضعية من هذا القبيل فمرجعها إلى الخالق المشرّع، فهو الذي خلق كل شيء وقدّره وهداه، ومن أسباب الهداية أن أرسل عقولًا ظاهرة، وهم الأنبياء والرسل، وأوجد في داخل كل فرد منا نبيًا باطنًا، هو عقله وفطرته.
والصورة الثانية- وهي كلّ ما كان له وضع قانوني خاصّ في النظم الحديثة، لكن ليس له في الشريعة حكم شرعيّ إلزامي: (الوجوب أو الحرمة) خاص به، بأن كان حكمه في الشريعة هو الإباحة، من قبيل: احياء الأراضي العامّة، واستيراد المنتجات الأجنبيّة، والالتزام بالإشارات المرورية وما أشبه ذلك، فالحكم الشرعيّ الأولي فيها هو الإباحة وعدم الحرمة، لكنّ القوانين الوضعيّة قد تحظرها وتمنع منها لأيّ سبب كان، وهذه المساحة في الحقيقة خاضعة للنظر وللظروف الموضوعيّة والمصالح والمفاسد والعناوين الثانوية التي يقدّرها ينظر بشأنها الفقيه الجامع للشرائط سيما في الفقه الشيعي المعاصر.
والمتابع لفتاوى الفقهاء سيبرز أمامه بشكل واضح عنوان:" التقيّد بالأحكام، والقوانين"، والمقصود من الأحكام هنا هي الأحكام الشرعيّة، فيما يراد من القوانين: القوانين الحكوميّة، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أنّ التقيّد يشير ضرورة الالتزام، فإنّ ما يعنيه العنوان آنفاً هو: عدم جواز مخالفة القوانين الحكوميّة، وحرمة مخالفة الضوابط المرعيّة عند الدولة، وكان الفقهاء قد قسّموا الواجبات الشرعيّة إلى قسمين: واجب نظامي، وهو كلّ ما كان وجوبه لأجل حفظ نظام العباد، كجميع صنوف الصناعات التي يتوقف نظام الناس عليها، وواجب غير نظامي، وهو ما كان وجوبه؛ لأجل غرض عائد إلى الأشخاص غير جهة حفظ النظام، ويشمل هذا: العبادات التي يجب فيها قصد القربة، والتوصليّات.(انظر: تقرير بحث النائيني للآملي،ج1،ص32).
والواضح من الفقه أنّ حفظ النظام، أو عدم مخالفته- فيما لا يخالف أحكام الإسلام؛ هو من العناوين الثانوية التي يمكن تغيّر حكم الموضوع إذا ما طرأتْ عليه وتنقله من حكمه الأولي من عدم الإلزام إلى الإلزام، وهي في ذلك تشبه عنوان الضرر والتقية والحرج وسائر العناوين الثانوية، بل أشار بعض الأعلام إلى أنّ جعل الغاية التي دعت العقلاء إلى الإطباق على حسن أو قبح بعض الأفعال مما تقدّمتْ الإشارة إليه؛ هو كون العدل مثلاً بعنوانه مما ينحفظ به النظام، وكون الظلم بعنوانه مما يختل به النظام، وانحفاظ النظام هي الفائدة المترقبة من العدل، واختلال النظام هي المفسدة المترتبة على الظلم. (الإصفهاني-نهاية الدراية، ج4،ص40).
الصورة الثالثة، وهي منطقة التضاد ومساحة التدافع بين القانون الوضعي من جهة، وبين حكم الشريعة الثابت قطعًا من جهة أخرى، من قبيل: الزنا، وتعاطي الربا، وشرب الخمر، والقتل الرحيم، وتشريع الشذوذ الجنسي، والإجهاض.. وإلخ، فهذه ممارسات مقنّنة في الشرائع الوضعية للدول الحديثة، في حين يبلغ تحريمها في الشرائع السماوية، وعلى رأسها دين الإسلام مبلغ الضرورة، ومن ثمّ لا مناص للإنسان والجماعات البشرية في هذه الصورة من أحد موقفين: أما اتخاذ شرعة الأرض، أو اتباع قوانين السماء. والذي نقوله هنا: إنّ على الدولة الراشدة على الخصوص في المجتمعات الإسلامية ألا تبغي عن الدين حولًا، ولا تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، لكن لماذا؟!
بشكل عام، يرتكز القانون الإلهي على عنصر الإيمان، ويركّز على بناء الإنسان من الداخل والخارج على قدم المساواة، ففضلًا عما يتمتع به على الصعيد التنظيمي للحياة الخاصّة والعامة وتحاشي الفوضى وهي السمة المشتركة بينه وبين القانون الوضعي، فإنّ الأحكام الشرعيّة تقدّم ضمانًا على أجرائها وتطبيقها يتمثل في نيل الأجر والثواب الأخروي، وتتوعّد بالعقوبة الأخروية عند المخالفة، ما يعني يزرع في النفوس من أنّ إمكان التحايل على القوانين الوضعية والإفلات من عقوبتها لهو أمر غير وارد في القوانين الإلهية، فمهما كان القانون محكمًا منضبطًا، وأيا تكن قوة السلطة التنفيذيّة وصرامتها في إجرائه وتطبيقه- فإنّه ومن دون وجود وازع داخلي في الأفراد حياله لن يحقّق أهدافه، ولا يصل لغايته؛ لأنّ القانون في نفسه لا يمنع وقوع الأفراد من الإلتفاف عليه، أو مخالفته في الخفاء، ومن ثمّ لابدّ من وجود الرقابة الذاتيّة للحدّ من الجرائم التي لا تقع تحت نظر السلطة؛ لذا عمدتْ الكثير من الدول إلى زرع كامرات المراقبة حيث ما استطاعتْ، لكنّ ذلك لن يحقّق المطلوب كما هو واضح، ولا يغني عمّا يحقّقه الدين في هذا المضمار من إيجاد إيمان حقيقي بالقانون في نفوس الأفراد، يطبعه بطابع الاحترام والقداسة، وهو ما يضمن زرع روح الإيثار التي تقتضيها طبيعة تطبيق القانون في المجتمعات، وعلى هذا الأساس فاعتماد القانون المنزوع عن سلطة الدين والإيمان يبعد من إمكانية مراعاته عند التحرّر من الرقابة، على سبيل المثال:
ينقل أنّ الصينين القدماء كانوا قد بنوا سورهم العظيم المعروف بسور الصين؛ لغرض حماية بلدهم، وفعلاً: بقيت الصين عصيّة على جيوش الغزاة والمحتلين بفضل السور، غير أنّ هذا البناء العظيم وحده لم يكن كافيًا لتحصين المدينة فلقد دخلتْ جحافل الغزاة من البوّابة الرئيسة للسور دون أن يهدموا منه لبنة واحدة؛ لأنّ حارس البوّابة قد تعاون مع الغزاة، و فتح لهم الطريق..! وعلى هذا النسق تمامًا يسير من يفكّر في أن بناء المجتمعات إنّما يتمّ وفق القانون وحسب، في حين أنّ القانون يحمي بقدر حماية سور الصين، إنّها حماية لا ترتكز على بناء الوازع الداخلي، وإنّما تقتصر على البناء الخارجي فقط!
أكثر من ذلك، فربما يقع الالتفاف على القانون والتحايل عليه تحت أنظار السلطة المتكفلة بحفظه، ودونك حكاية معبّرة عن هذا المعنى، مضمونها أنّ ثلاثة لصوص قد سرقوا رجلًا ثريًا، لكنّهم قبل أن يغادروا قصر هذا الثري قاموا بوضع المال الذي سرقوه على طاولة يحيط بها أربعة كراسي، ووضعوا إلى جانب المال أوراق قمار موزعة على المقاعد الأربع.. فلمّا أحس بهم الثري أخرج سلاحه وأشهره بوجوههم وقيدهم، ثمّ اتصل بالشرطة.. وهنا نجحتْ خطة اللصوص.. فعندما حقّق معهم ضابط الشرطة أخبروه بأنّهم كانوا يلعبون القمار مع هذا الثري، فلمّا خسر معهم كلّ ماله قيّدهم واتصل بالشرطة.. وبهذه الطريقة: سرق اللصوص مال الثري وصار المال مالهم بالقانون، كما سجن صاحب المال بتهمة الاعتداء وبالقانون أيضاً!. هذه حكاية رمزيّة، لكنّها من غير شكّ تحكي واقعًا ملموسًا عشنا نظائرها الكثيرة في الواقع الاجتماعي والسياسي، تشير إلى أنّ الرهان على القوانين الوضعية رهان فاشل؛ لأنّ غاية ما تنجزه هو ملاحقة الجرائم المعلنة، دون الجرائم غير المعلنة.
إنّ الأحكام الإلهيّة- بمقتضى حكمة المشرّع واحاطته التامّة- ليستْ عبثيّة، وإنّما قائمة على علل وغايات حقيقيّة، ومبنيّة على وجهٍ أو وجوهٍ من المصلحة الواقعيّة التي ترعى ما فيه صلاح الإنسان، وتضمن سعادته.. فما من حكم وجوبي إلا وهو نابع من خير عميم في الفعل الذي تعلّق به الحكم، وما من حكم تحريمي إلا وهو متعلق بشرّ عظيم قد أحاط بهذا الفعل فاستدعى تحريمه، ومن هنا قال علماء الأصول: إنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للمصالح والمفاسد الواقعيّة، ومن هنا يلاحظ تفرّد القانون الإلهي بالثبات والتماسك وعدم التناقض إلى جانب الانسجام مع الفطرة الإنسانيّة كما أسلفنا، وعلى الجانب المقابل: يدور القانون الوضعي السائد في النظم الحديثة مدار المنفعة الفرديّة، وحماية الحريّات الشخصيّة التي لا تتعدى على حريات الآخرين!، إلا أنّ ذلك غير ممكن التحقّق عمليًّا في جملة قضايا وعلى أكثر من صعيد، وإلا فأيّ نظام يسمح لمواطنيه بالانتحار وإيذاء أنفسهم أو لا يكترث لإجراءات السلامة الخاصّة بهم في المنزل والشارع والسيارة كعدم وضع مطفئة الحريق في المنزل أو ارتداء حزام الأمان في السيارة بذريعة أنّها حريّة شخصيّة، ولهذا تقع الأنظمة القائمة على الديمقراطية الليبراليّة في تهافت مستمر من هذا النوع، بل هذه هي السمة الأبرز فيه.
إنّ السمة البارزة في القوانين الوضعية أنّها متهافتة متزلزلة فيما يجدر فيه الثبات والتناغم مع الفطرة، بل ومتناقضة، وليس أدلّ على ذلك من تشريع قانون يبيح الشذوذ الجنسي، ويحمي الشواذ، ويسمح لهم بالإعلان عن شذوذهم، ويسنّ لهم قانونًا يبيح لهم (الزواج)!، وفي الوقت الذي لا يجرّم القانون الوضعي من تعدد العلاقات الجنسيّة غير الشرعيّة، بما في ذلك تعدّد العشيقات، فإنّه يمنع الرجل من تعدّد الزوجات!. حتى الآن أتذكّر ذلك الرجل السوريّ المهاجر لأوربا، وكان متزوجًا من أربع نساء، وقد أجرت معه بعض الفضائيات العربية مقابلة فور عبوره الحدود، وكان أمرًا غريبًا، إذ كيف يمكنه العبور بحثًا عن اللجوء مع أنّ القانون هناك يحظر تعدّد الزوجات؟!. حين سئل عن هذا أجاب بأنّه قد أخبر السلطات عن أنّه متزوّج من واحدة، وأمّا الأخريات فصديقاته.. وهكذا عندها سمحوا له بالدخول!، فهذه القوانين تبيح كلّ شيء، بما في ذلك تعدّد الزواج (بشرط أن يكون بين الشواذ جنسيًا)، وتسمح بتعدّد العشيقات وإقامة علاقات مفتوحة ما دامت تقع برضا الطرفين وفي إطار الحرية الشخصية، إلا شيء واحد لا تسمح به، وهو: تعدّد الزواج حسب التشريع الإلهي، ولو كان برضا الطرفين!.على صعيد آخر: سمحتْ بعض الدول بتعاطي المخدّرات، ففتحت هولندا المجال لتناول (المارغوانا)، كما أباحت الأورغواي زراعة (القنّب).. جاء ذلك بعد سنين طوال من الحظر والمنع القانوني كما هو السائد في دول العالم.. والأمثلة على الاضطراب والتناقض في سنّ القوانين الضارّة، والمخالفة للعقل والفطرة - تطول لكن المقصود صار واضحًا.
ومن مثالب القوانين الأرضية أنّها لا تعذر بالجهل، ولا تحمي الغافل، وفي هذا المجال، ترسل العبارة القائلة: القانون لا يحمي المغفّلين إرسال المسلّمات، وقصتها -على ما ينقل- أنّ رجلًا في أمريكًا كان قد كتب في الصحف: "من يرسل دولارًا على هذا العنوان: (ووضع عنوان بريده) فسيصبح ثريّاً.." فبعث الناس أموالهم حتى بلغت الملايين، وعلى إثرها صار الرجل ثريًّا، ولما عرف الناس لعبته رفعوا عليه شكوى في المحاكم، فلم تقبل شكوتهم، وكان رد المحاكم: "القانون لا يحمي المتعاملين بخفّة"، وليس الحديث الآن عن مدى دقّة مقولة: "القانون لا يحمي المغفّلين" إلا أنّ بديلها: "القانون لا يحمي الجاهلين به " صحيح من زاوية قانونيّة، وتعبّر عمّا عليه القانون بالفعل، من أنّ القانون لا يعذر مَن لا يعرفه. وفي المقابل يقوم نظام الشريعة على العذر بالجهل في الجملة، وعلى التسهيل وعدم الضرر.. بل هذه معدودة من ضمن موادّها الدستورية الحاكمة على جميع أحكام وقوانين الشرع المقدّس، ففي الحديث الصحيح المعروف بحديث الرفع، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رفع عن أمّتي تسعة: الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه. وقد بنى الفقهاء واستخرجوا من هذا الحديث العديد من الأصول والقواعد الشرعيّة ومن أهمّها: أصالة البراءة، التي تثبت الإباحة، وينفى بموجبها كلّ تكليف وحكم لم يدلّ عليه دليل.